اعترف "بيني جانتز" رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بأن التعاون الأمني بين مصر وإسرائيل أصبح أفضل بكثير في عهد جماعة الإخوان المسلمين، مؤكدا أن تصرف الرئيس مرسي "شكل مفاجأة لم يتوقعها أحد" في أسرائيل.
ويأتي تصريح أحد أبرز القيادات الإسرائيلية ليكشف وبشكل واضح حقيقة الإخوان وطبيعة الدور الذي أصبح مناطا بعهدتهم أميركيا وإسرائيليا في المنطقة، ويطرح من جديد السؤال بشأن السبب الذي جعل من الإسلام السياسي يهجم على السلطة في دول ما يعرف بالربيع العربي، مقابل الصمت الأميركي والإسرائيلي المريب المرحب بنتائج الانتخابات في تلك الدول التي أوصلت تيارا كانت قياداته تصنف ضمن قوائم الإرهاب.
وأضاف "جانتز" في تصريحات لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن التعاون الأمني والاستخباراتي بين تل أبيب والقاهرة، كان مفاجأة بالنسبة له كقائد للجيش الإسرائيلي، وبدد المخاوف التي شعر بها الجميع عقب صعود الإخوان المسلمين للحكم وتولي الرئيس محمد مرسي مقاليد الأمور.
وأوضح أن أمن جنوب إسرائيل أصبح أفضل مؤخرا ولم يعد هناك خطر كبير يأتي من قطاع غزة عقب عملية عامود السحاب التي جرت نوفمبر 2012، وذلك بفضل التعاون المصري الذي أدى لتهدئة الأوضاع في غزة.
وقال عدد من الخبراء بعيد وقف أطلاق النار في غزة إن "ما حدث في مصر من تدخل للرئيس المصري حينها كان عبارة عن صفقة لصالح أمن إسرائيل بعد فشل جميع الأطراف في وقف صواريخ حركة حماس على إسرائيل".
وأضافوا أن الصفقة تمت بعد تدخل المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين لوقف هذه الصواريخ مؤكدين أنه "ما دام المرشد يحكم مصر فلن تسقط صواريخ غزة على إسرائيل" مستقبلا.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي السابق "عامير بيرتس" ذهب بعيدا في مدح الرئيس المصري بعيد انتهاء عملية "عمود السحاب" الإسرائيلية في غزة، قائلا إن مرسي أفضل لإسرائيل من سابقه مبارك.
ويرصد المتابعون للعلاقات المصرية الإسرائيلية تتالي الإعجاب والثناء الإسرائيلي على حكم الإخوان بشكل مثير أكثر من اللازم أحيانا.
ومن جانبه، أوضح موقع "إسرائيل ناشونال نيوز" الإخباري، إن الرئيس مرسي لعب دورا كبيرا في الحفاظ على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، وتحرص جماعة الإخوان دورا هاما في تثبيت الهدنة ونوع فتيل أي مواجهة عسكرية محتملة بين الطرفين في المستقبل.
وقال "هليل فريسك" الباحث في مركز السادات-بيغن للدراسات الإستراتيجية في جامعة بير ايلان، إن الرئيس مرسي أصبح مدافع قوي عن السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وخلال الأشهر الماضية قدم العديد من الأدلة على حرصه على السلام، منها توجيه الجيش لهدم الأنفاق في سيناء، ووقف تهريب الأسلحة إلى حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى في قطاع غزة.
ويقول محللون متهكمين من دور الإخوان في معادلة العمالة للغرب ولمصالحه في المنطقة بما في ذلك أمن أسرائيل "قد يتساءل البعض كيف للإخوان المسلمين أن يعقدوا صفقات مع أعدائهم التاريخيين: أميركا وإسرائيل؟ والإجابة ببساطة: إنهم يفعلون ذلك مثلما عقدت قطر صفقات مع الأميركان والإسرائيليين رغم إعلامها العدائي لهما، ومثلما أدانت تركيا *** الشعب السوري وأباحت لنفسها *** الأرمن والأكراد ومثلما شارك الإخوان المسلمين في الثورة المصرية ويرى هؤلاء أن القاسم المشترك في كل هذه السياسات ليس إلا المصلحة".
ويؤكد معلقون مصريون أنهم لم يتفاجؤوا إطلاقا بسياسة الإخوان المهادنة لإسرائيل لأن منطقهم السياسي يستهدف فقط التمكن من السلطة والمحافظة عليها بكل الوسائل مستعملين في ذلك كل منسوب المخادعة والنفاق السياسي مع قناعة تامة لديهم بأن تقديم الطاعة والولاء لأميركا و أسرائيل هو الضامن الأساسي بل لعله الوحيد لتحقيق حلمهم في الهيمنة على الدولة والشعب.
والثناء الاسرائيلي على مرسي ونظامه والفرح القادم من تل أبيب بتمكن الإخوان من حكم مصر لا يقتصر على القيادات العسكرية وحدها.
وفي نهاية مارس، قال الكاتب الإسرائيلى أوري هايتنر، في مقاله بصحيفة "إسرائيل اليوم"، إن إسرائيل كانت تخشى صعود الإخوان للحكم، لكن بعد وصول الرئيس محمد مرسي للسلطة، أصبحت تشتاق إليهم وللتعامل معهم.
وتابع في المقال "كمثال على أنه ليس كل ما نتوقعه يكون صحيحاً، حسنى مبارك، الرئيس المصري السابق، كان ديكتاتورا '***' فعليا اتفاقية السلام، أو على الأقل الملحق العسكري فيها، وأن الإخوان يتصرفون على العكس من مبارك تماماً في المجال الأمني، فمرسي يفعل ما لم يكن مبارك يريد فعله، ويكفي أنهم يدمرون الأنفاق، التي تهدد الأمن، وهم كذلك ديمقراطيون".
ويلاحظ المتتبع لسياسة الإخوان منذ وصول الرئيس مرسي إلى السلطة امتناعهم المطلق عن أي إثارة للصراع العربي الإسرائيلي وهم الذين صموا الآذان طيلة حكم السادات ومبارك بالدعوة إلى قطع العلاقات مع "العدو الصهيوني".
ويتساءل هؤلاء المعلقون: لماذا لا يبادر الإخوان اليوم مثلا إلى قطع العلاقة مع أسرائيل والغاء معاهدة السلام وهم الذين يتقلدون الحكم اليوم؟ ثم يجيبون: إن الخطأ أساسا هو خطأ الذين صدقوا أن لهؤلاء مبادئ لا ينزلون تحتها مهما كانت التحديات.
وتشير التقارير إلى أن نهم الإخوان للسلطة وللبقاء فيها، يجعلهم مستعدين لمزيد من المفاجآت على صعيد العلاقة بإسرائيل في سبيل ترسيخ الموقف الغربي الذي ترى بعض مكوناته أن الإسلاميين يمكن أن يكونوا ضمانة أكيدة لمصالحهم في المنطقة العربية.
وكان عصام العريان، نائب رئيس حزب "الحرية والعدالة"، قد طالب مؤخرا، وهو يمعن في التزلف للوبيات اليهودية ولإسرائيل يهود مصر بالعودة من إسرائيل إلى موطنهم الأصلي، وهاجم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، قائلا "إن ما فعله الأخير بطرد اليهود من مصر ساهم في احتلال أراضي الغير".
http://www.elbashayer.com/news-259876.html